فروق

Friday, May 16, 2025

القرن المكسور: لماذا لم تنهض أمة تملك مفاتيح الخلاص؟

ليست الكارثة أن نسقط، بل أن نعتاد السقوط حتى يصبح وجهًا آخر للحياة.. أمة تمتد من المحيط إلى الخليج، تجمعها السماء وتفرّقها الأرض، تدور في الفراغ منذ قرن كأنها خُلقت لتعجز.. كل مقومات النهوض كانت حاضرة، وكل فرص الانعتاق مرّت، ثم اغتيلت في وضح التاريخ.
لا ينقصنا العقل، بل المسار. لا نفتقر إلى الثروات، بل إلى من يحرّرها من أسر الخيانة.. لا نرثي قرنًا مضى… بل نفضح كيف صيغ ليكون قرنًا مكسورًا.

أوهام التنمية: لماذا تُفشل الأنظمة خططها عمدًا؟

من الرباط إلى مسقط، تتزاحم الشعارات التنموية على واجهات الإعلام الرسمي: "رؤية 2030"، "أفق 2025"، "الاستراتيجية الوطنية للنمو"... لكن خلف هذا الزخم الدعائي، تتكرس وقائع أكثر بؤسًا: بطالة متفشية، تعليم عقيم، إنتاج هشّ، وتفاوت طبقي متصاعد.
الأسئلة الكبرى التي لا يطرحها الإعلام الرسمي هي: لماذا تفشل خطط التنمية رغم التمويل الهائل؟ ولماذا تُعاد صياغتها كل بضع سنوات وكأنها تبدأ من الصفر؟ وهل نحن إزاء فشل غير مقصود... أم أن الفشل ذاته مقصود ومُدار؟

الحياد المستحيل: حين تختار المنصات الكبرى أي وعي يجب أن يُدفن


في كل نقرة زر، يُعاد تشكيل الوعي الجمعي دون أن نشعر. ما تراه على صفحتك ليس "الواقع"، بل ما اختارته لك خوارزميات ذكية تتقن فن التوجيه الناعم. تدّعي المنصات الكبرى أنها محايدة، لكنها في الحقيقة تُمارس رقابة مقنّعة تقرر من يُسمع ومن يُدفن صوته. في هذا المسرح الرقمي، لا صوت يعلو فوق ما تريده الخوارزميات. أما حريتك في تلقي المعلومة، فهي مجرد وهم ناعم مغلف بحرية مزعومة.

بين الشعارات والدماء: كيف تحولت قضايا الشعوب إلى تجارة إعلامية؟

لم تعد المأساة تُروى كما هي، بل كما ينبغي أن تظهر في نشرة الأخبار. تتشكّل قضايا الشعوب اليوم في قوالب دعائية، تُفرّغ من معناها وتُلمّع بمؤثرات بصرية وموسيقية، لتصبح "منتجًا إعلاميًا" يُستهلك لا يُفهم. كل دمعة تُحوَّل إلى لقطة مثيرة، وكل شهيد إلى عنوان ترند، وكل كارثة إلى جدول بث... في هذا المشهد، يتوارى الإنسان الحقيقي خلف "اللقطة"، ويُهمَّش المعنى لحساب المشهدية. إننا نعيش زمنًا يُعاد فيه تشكيل الألم الجماعي، لا ليُفهم، بل ليُباع.. هكذا أصبح الدم العربي، من فلسطين إلى السودان، عملةً في سوق الاستهلاك السياسي، لا قيمة له إلا في لحظة التداول.

صُنع في أمريكا: تم تفصيله على المقاس الخطأ


أحيانًا، لا يُصنع الخطأ في لحظة، بل في تراكم قرارات تحسب أنها صحيحة. هكذا بنت أمريكا علاقتها بالصين: خطوة بخطوة، وصفقة تلو أخرى، دون أن تعيد حسابات اللعبة الكبرى. كانت ترى شريكًا اقتصاديًا، ولم ترَ خصمًا حضاريًا يستعد لإعادة تشكيل العالم. الخطأ لم يكن في التعاون، بل في الظن أنه بلا تبعات. واليوم، تكشف النتائج حجم الغفلة، وعمق الحسابات التي أخفقت في قراءة المستقبل.

سوق المدار – خمسون عامًا من اللقاء بين المدن

على مدى خمسين عامًا متصلة، ظل "سوق المدار" مركزًا نابضًا يجمع منتجات المدن من المحيط إلى الخليج.. هو السوق الذي لا تُعرَف فيه حدود، ولا تُسأل فيه المدن عن هوياتها، بل تُقدَّم فيه ثقافتها، ذوقها، وحكاياتها.
منذ تأسيسه، أصبح السوق رمزًا للتواصل الحضاري والتجاري والوجداني بين الشعوب، حيث تلتقي الحِرف، وتتصافح الأطباق، وتتحاور الأزياء، وتُقرأ الكتب بلغات القلب.. في ذكراه الخمسين، شهد السوق إقبالًا استثنائيًا من الزوار والعارضين، احتفاءً بخمس عقود من الذاكرة المشتركة.. عبر أجنحة المدار، نستعرض تفاصيل هذا الحدث الذي صار جزءًا من وجدان الناس.

الإعلام والتضليل في العالم العربي: كيف يُضخّم الهامشي لإخفاء المصيري؟

من البغوث إلى نيوزيلندا... كيف يُصنَع وعي مزيف تحت الضوء؟

في العالم العربي، لم تعد وظيفة الإعلام هي نقل الحقيقة، بل أصبحت تكييف الإدراك الجمعي، وتوجيه الانتباه بعيدًا عن القضايا المصيرية. تغرق الشعوب في متابعة التوافه، بينما تمر المشاريع الكبرى والجرائم الجسيمة في الظل، بصمت كامل، أو بصوت خافت مقصود.. الإعلام هنا لا يُخطئ عرضًا، بل يعمل بوصفه أداةً استراتيجية في يد السلطة، وأحيانًا في خدمة القوى الخارجية، لتزييف أولويات الأمة، وتسميم وعيها بمزيج من العاطفة المفرطة والانشغال الفارغ.

اليمين واليسار السياسي: الجذور والنشأة والمعنى الاصطلاحي اليوم

حين يُوصَف حزب بأنه "يميني" أو "يساري"، لا يكون الوصف بريئًا ولا عفويًا، بل ينطوي على خلفيات تاريخية وفكرية معقدة. ولعلّ من أكثر المصطلحات التي يُستخدم فيها الخلط والتبسيط – عمدًا أو جهلاً – هو مصطلحا "اليمين" و"اليسار" في السياسة، خصوصًا عند محاولة إسقاطهما على السياقات العربية، دون فهم عميق للنشأة والسياق والمضمون.. الجذور التاريخية لظهور هذين المفهومين، ولماذا نشآ، وكيف تطورا من معانيهما الأولى إلى دلالاتهما السياسية المعاصرة، وما هي التحديات في استخدامهما اليوم.

الطابور الخامس في الوطن العربي: خلايا نائمة تنتظر ساعة الصفر

ليست كل الهزائم تبدأ بصواريخ أو دبابات. كثير منها يُزرع في العقول، ويُربّى في الداخل، وينمو في صمت، حتى يأتي الوقت المناسب لينقضّ على ما تبقى من تماسك. ذلك هو دور الطابور الخامس: تلك العناصر المتغلغلة في النسيج الوطني، التي تعمل لحساب العدو لا من خلف الحدود، بل من داخل المؤسسات، والإعلام، والشارع، والقرار.في العالم العربي، كان الطابور الخامس دائمًا حاضرًا في لحظات الانكسار، لكنه لم يكن يُرى بالعين المجردة. بل كان يتموّه في صور متعددة: ناشط، إعلامي، اقتصادي، أو حتى رجل دين. فما هو هذا الكيان غير المعلن؟ وكيف يُخطّط على المدى البعيد لتفكيك الداخل من الداخل؟

جامعة الدول العربية: من حلم الوحدة إلى منصة شرعنة الخضوع

المضمون الشعبي، ومعبّرًا عن توازنات إقليمية تخدم الأنظمة لا الشعوب. سبعة عقود مضت ولم تحل أزمة عربية واحدة، بل تحوّلت إلى منصة لإصدار بيانات التهدئة، وتبرير الصمت، وإعطاء غطاء شرعي لقرارات تُطبخ خارج العواصم العربية.

السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل كانت الجامعة مشروعًا وحدويًا حقيقيًا؟ أم كانت منذ البداية أداة لإدارة "القطيع" العربي وفق معايير الدول الكبرى؟